بحار ومحيطات

تلوث مياه البحر

تلوث مياه البحر

تعريف تلوث مياه البحر

يمكن تعريف تلوث مياه البحار بأنه اختلاط مياه البحر بمجموعة من النفايات والمواد الكيميائية التي تنتقل من اليابسة إليها، ويؤدي هذا التلوث إلى وقوع كثير من الأضرار المختلفة، ومنها: الأضرار البيئية والأضرار الاقتصادية، كما يتسبب في كثير من الأضرار الصحية للكائنات الحية،وجدير بالذكر أن المخلفات البشرية تصل أيضا إلى مياه البحار مما يسهم في تلويثها بشكل كبير؛ ما يؤدي إلى القضاء على كثير من المواطن التي تسكنها الكائنات البحرية مما يؤدي إلى موتها.[١]

كما تصل المخلفات البلاستيكية إلى مياه البحار عندما تجرفها مياه الأمطار الغزيرة في المدن الساحلية الكبرى، ويشكل هذا النوع من المخلفات تهديدا كبيرا على الحياة البحرية؛

حيث تبلغ كمية المخلفات البلاستيكية التي تصل المحيطات إلى 500 مليون طن سنويا، إذ تتفتت هذه المخلفات إلى أجزاء صغيرة جدا ثم تلتهمها بعض الكائنات البحرية.

كما تشير بعض التقديرات إلى أنها تتسبب بموت مليون طائر بحري سنويا إضافة إلى موت عدد كبير جدا من السلاحف،

كما يمكن أن تشكل هذه المخلفات خطرا على حياة البشر إذ تصل نسبة تلوث مياه البحار الذي ينتج عن اليابسة إلى 80% كما تشير بعض التقديرات.

 

أنواع تلوث مياه البحر وأسبابها

هناك العديد من أنواع تلوث مياه البحر، ومنها:

التلوث البحري الطبيعي

التلوث البحري الطبيعي (Non-Point Source Pollution)، هو التلوث الذي ليس له مصدر محدد،

فجميعنا نعتبر من المساهمين في هذا التلوث، فهو ناتج عن بعض التصرفات الخاطئة،

فطريقة تخلصنا من بعض المواد؛ كالشحوم، والزيوت، والنفايات، ومخلفات بعض الحيوانات،

وهذه التصرفات تعمل على نقل النفايات إلى مياه البحار عن طريق مصارف مياه الأمطار.[١]

وأيضا بعض الظواهر الطبيعية تساهم في هذا التلوث، فمياه الأمطار عند سقوطها تأخذ في طريقها الأوساخ والملوثات وغيرها في طريقها.[١]

التلوث البحري البلاستيكي

ينتج التلوث البلاستيكي (Plastic pollution) لمياه البحر عن جريان الماء المحمل بفضلات الشواطئ البلاستيكية،

والنفايات، وشباك الصيد وغيرها، ونقله بالتالي إلى البحر، ويمكن للكائنات البحرية عدم التمييز بينها وبين طعامها؛

فتتغذى على البلاستيك عن طريق الخطأ.[٢]

وقد اكتشف بأن الشعاب المرجانية تتغذى على البلاستيك،

وأن الثديات التي تحتضر وتكون موجودة على الشواطئ يتواجد البلاستيك داخل جوفها، من جهة أخرى،

فإن المخلفات البلاستيكية المستخدمة على السواحل والشواطئ، قد يستمر تأثير التلوث الناتج عنها لمدة طويلة تصل إلى 400 عام.[٢]

التلوث البحري الكيميائي

التلوث الكيميائي أو تلوث المغذيات (Chemical pollution)، ينتج هذا التلوث عن الأنشطة البشرية وتقدم الأنشطة الصناعية؛ كاستخدام الأسمدة والمواد الكيميائية من قبل المزارعين في المزارع، كما لوحظ أيضا زيادة استخدام المبيدات الحشرية في الآونة الأخيرة بنسبة 25%،[٣] وإن جميع هذه المواد تتدفق إلى المحيط عبر المجاري المائية، وإن الزيادة في نسبة المواد الكيميائية في المياه البحرية؛ كالفسفور والنيتروجين يؤدي إلى تعزيز نمو الطحالب بأنواعها المختلفة، بما في ذلك الطحالب السامة.[٤]

التلوث البحري البيولوجي

يمكن أن ينتج التلوث البيولوجي (biological pollution) عن العديد من العوامل أبرزها التخثث، وهو عملية بيولوجية تتزايد فيها المغذيات الذائبة في الماء فيعجز الأخير عن تنقية نفسه، وهو ما يتسبب في تكاثر المزيد من البكتيريا والنباتات المستنفدة لغاز الأكسجين، وهو ما يقلل من نسبة الأخير في البيئة المائية ويؤثر سلبا على الحياة البحرية.[٥]

التلوث البحري النفطي

التلوث البحري النفطي (Marine oil pollution)، يقصد به التلوث الناتج عن انسكابات وتسريبات البنزين والمشتقات النفطية الخفيفة والثقيلة ككل، والذي ينتج عن السيارات والشاحنات، وأيضا أطنان النفط غير المعالج الذي ينتقل عبر البحار والمحيطات بشكل متكرر، و يعتبر تأثير النفط سيئا للغاية على الكائنات البحرية وحتى الطيور، ويبقى تأثير هذا التلوث على الحياة البرية والبحرية مستمرا حتى بعد اختفاء العلامات الظاهرة للانسكاب، إذ إنها تلحق أضرار اقتصادية وسياحية طويلة الأجل.[٦]

التلوث البحري الإشعاعي

التلوث البحري الإشعاعي (Radioactive Pollution) هو التلوث الناتج عن أي إشعاع زائد عن الوضع الطبيعي، وهذه الأشعة تصدر من عدة طرق؛ محطات الطاقة النووية، وعمليات تعدين اليورانيوم، والعمليات التي تجرى على اختبار الأسلحة العسكرية، وأيضا من المواد المشعة التي تستخدم من قبل المستشفيات والجامعات، وهذه الأشعة يصعب التخلص منها إذ إنها تبقى لآلاف السنوات في البيئة.[٧]

التلوث البحري الضوئي

التلوث البحري الضوئي (Light pollution) بعد انتشار الضوء في جميع بقاع الأرض حتى أنه وصل لكل الأنظمة البيئية، ظهرت مشكلة الضوء الصناعي في الليل والذي يؤثر على العديد من الكائنات البحرية، إذ إن الضوء يعطل الإشارات الطبيعية الذي ترتبط بالساعات البيولوجية لبعض الكائنات الحية البحرية، و يؤثر على الشعاب المرجانية القريبة من المناطق الضحلة، فيؤثر على مواعيد التغذية والهجرة والتكاثر.[٨]

التلوث البحري السمعي

التلوث السمعي في البحار والمحيطات (Noise pollution) هو تلوث غير مرئي، تحمل الموجات الصوتية لمسافات بعيدة، وعند زيادة الأصوات وارتفاعها من قبل منصات النفط، والسفن وأجهزة السونار وغيرها، يؤدي ذلك إلى خلل في الضوضاء الطبيعية، وهذا الخلل في الضوضاء يعمل على تعطيل الاتصالات، وأنماط التواصل، والتكاثر للعديد من الكائنات الحية البحرية، فالحيتان مثلا تعتمد على الصدى في تحديد الموقع.[٨]

 

أضرار تلوث مياه البحار

وفيما يلي سنعرفك إلى أهم أضرار تلوث مياه البحار على مختلف المستويات:[٩]

أضرار تلوث مياه البحار على صحة الإنسان

يتسبب تسرب المبيدات الحشرية والزئبق والمواد الكيميائية والملوثات الأخرى إلى مياه البحار ووصولها إلى الأسماك والكائنات البحرية التي يتغذى عليها الإنسان بالكثير من الأمراض المختلفة للإنسان، ومنها: تلف الجهاز العصبي، وتلف الكلى، إضافة إلى الأمراض الهرمونية، والأمراض والتناسلية المتعلقة بالإنجاب إذا تعرض الإنسان إلى هذه المواد بكميات كبيرة، كما تحول البكتيريا عنصر الزئبق إلى مركبات سامة تدخل في السلسلة الغذائية للبشر وتتسبب زيادتها بأمراض الرعاش، والزهايمر، وأمراض القلب أيضا، والطفح الجلدي، وآلام المعدة، والإسهال.[٩]

 

أضرار تلوث مياه البحر على الحياة البحرية

تتأثر أنماط تكاثر العديد من الكائنات البحرية وسلوكها بالمخلفات البشرية الملقاة في البحر؛ كالمواد الكيميائية الصناعية، والأدوية، وغيرها من الكيماويات والمواد البلاستيكية؛ حيث تأثرت كافة أنواع السلاحف البحرية، بالإضافة إلى 45% من الثدييات البحرية، و21% من الطيور البحرية بالملوثات المذكورة، وتعتبر المواد البلاستيكية أخطر هذه الملوثات؛ إذ إنها تتحلل إلى مواد ضارة تمتص الملوثات الأخرى مما يؤدي إلى تضرر الأحياء البحرية عند تناول هذه المواد.[٩]

تتراوح كمية المواد البلاستيكية التي تتغذى عليها الكائنات البحرية في شمال المحيط الهادئ بين 12,000-24,000 طن سنويا، وتأكل الكثير من السلاحف هذه المواد مما يشعرها بالشبع أو يؤدي إلى موتها بسبب الاختناق؛ حيث تشير بعض الدراسات إلى أن 50% من سلاحف العالم أكلت المواد البلاستيكية، حيث يؤثر هذا النوع من الغذاء على تكاثر السلاحف البحرية بشكل سلبي كبير.

تصل نسبة الطيور البحرية التي تناولت البلاستيك إلى 60% مما يؤدي إلى موت الكثير منها، وتتوقع بعض الدراسات أن ترتفع نسبة هذه الطيور إلى 99% خلال عام 2050م، ويؤدي ذلك إلى انخفاض نسبة تخزين الطعام في معدة الطائر وشعوره بالجوع الدائم، كما تسهم الملوثات البلاستيكية في موت الكثير من الثدييات البحرية المختلفة بما فيها بعض الثدييات المهددة بالانقراض أيضا؛ كفقمة هاوايان مونك وأسد البحر من نوع ستيلر، وقد تم العثور على كمية كبيرة من الحيتان الميتة نتيجة التهام كثير من المواد البلاستيكية.

 

أضرار تلوث مياه البحر على الاقتصاد

تتأثر الكثير من القطاعات الاقتصادية بشكل سلبي نتيجة تلوث مياه البحار؛ حيث إن هذا التلوث يؤدي إلى تضرر السفن وغيرها من عناصر الملاحة البحرية، وقد تسبب ذلك لأسطول الصيد الأوروبي بخسارة 82 مليون دولار أمريكي تقريبا، كما يساهم تلوث مياه البحار في خسارة حوالي مليار يورو سنويا لدول آسيا والمحيط الهادئ نتيجة لتضرر الصناعات البحرية، وتصل خسارة قطاع السياحة الناتجة عن هذا النوع من التلوث إلى 600 مليون دولار أمريكي سنويا.[٩]

 

 

حلول مشكلة تلوث مياه البحار

يمكن الحد من تلوث مياه البحار في اتجاهين مختلفين، يتمثل أولهما بدفع الكثير من الأموال واستنزاف الكثير من الوقت لتصويب أوضاع التلوث بعد حدوثه، ويكمن الاتجاه الآخر بالحد من التلوث من خلال الوقاية التي تحتاج إلى تغيير السلوكيات فقط، ويرى الكثير من العلماء أن الوقاية أمثل الطريقتين السابقتين؛ نتيجة لوجود العديد من آثار التلوث التي لا يمكن معالجتها مما يؤدي إلى تضخم هذه الآثار باستمرار إذا لم تتم الوقاية من التلوث.[١]

 

الوقاية من تلوث مياه البحار

يجب اتباع العديد من الإجراءات المختلفة للحد من تلوث مياه البحار؛ فلا بد من تقليل نسبة المواد السامة التي يتم إلقاؤها في البحار إضافة إلى الحد من إلقاء المواد الخطرة ونفايات السفن، كما يجب فصل أنابيب مياه الأمطار عن أنابيب مياه الصرف الصحي وعدم تصريف الأخيرة في مياه البحار، وذلك إلى جانب وضع العديد من المواصفات والقوانين التي تضمن عدم تسرب المواد النفطية المنقولة عبر السفن إلى المياه.

ويمكن للأفراد اتخاذ كثير من الإجراءات التي تحد من تلوث مياه البحار والمحافظة على الحياة البحرية، ومنها ما يلي:[١٠]

 

  • تنظيف النفايات الموجودة على الشاطئ، من خلال جمعها وإلقائها في الأماكن المخصصة لذلك وأخذها إلى أماكن بعيدة عن الشاطئ.
  • الحد من كمية النفايات التي تصل إلى الشواطئ، من خلال إعادة تدوير النفايات التي يمكن استخدامها مرة أخرى، مثل: الزجاج، والمعادن، والورق؛ حيث يؤدي انخفاض كمية النفايات إلى انخفاض الملوثات التي تصل إلى البحار.
  • إنشاء بعض المجموعات المحلية لزراعة الأشجار بالقرب من الجداول، إضافة إلى إزالة النفايات الموجودة حولها لضمان عدم وصول النفايات إلى مجاري الأنهار؛ حيث إن الأنهار تصب في غيرها من المسطحات المائية وصولا إلى البحار، وهذا يعني أن المحافظة على نظافتها من الرواسب والنفايات المختلفة يسهم في نظافة مياه البحار بشكل كبير.
  • التأكد من عدم اختلاط مياه الأمطار بأي من المخلفات والنفايات الأخرى في طريقها إلى المصارف المخصصة؛ حيث تنقل هذه المياه الكثير من النفايات الصغيرة التي تذهب معها إلى أماكن التصريف ثم تنتهي إلى مياه البحار، وتصبح كمية هذه الملوثات منخفضة في حال انخفاض النفايات والمخلفات الموجودة في الشوارع بشكل كبير.

 

تصويب أوضاع التلوث

يمكن تنظيف كمية كبيرة من ملوثات البحار من خلال معالجة مياه الصرف الصحي باستخدام أنظمة الطاقة الشمسية المائية أو الأراضي الرطبة أو غيرها من الطرق، بالإضافة إلى إجراء معالجة ثانوية لمياه الصرف الصحي التي تصل إلى الشواطئ، ولا بد من توفير أفضل الطرق لتنظيف المخلفات النفطية التي تنسكب في البحار، ويمكن إزالة الآثار الناتجة عن مياه الصرف الصحي أو انسكابات النفط باستخدام تقنية الجسيمات النانوية (Nanoparticles) التي ما تزال قيد التطوير.[١١]

 

الجهود الدولية للحد من التلوث

توجد العديد من الاتفاقيات الدولية التي تتعلق بالحد من التلوث البحري،

ومنها اتفاقية أوسلو التي وقعت عام 1972م ونصت على الحد من التلوث الناتج عن إغراق السفن والطائرات،

وكذلك اتفاقية ماربول التي تم توقيعها في عام 1973م للحد من التلوث الذي تتسبب به السفن،

كما تم توقيع اتفاقية باريس التي نصت على منع التلوث البحري الناتج عن المصادر البرية عام 1974م،

بالإضافة إلى اتفاقية أوسبار التي تم توقيعها عام 1992م ونصت على حماية البيئة البحرية لشمال شرق المحيط الأطلسي.[١١]

 

 

مراجع

  1. ^ أ ب ت ث “Marine Pollution”, www.nationalgeographic.org, Retrieved 30-3-2020. Edited.
  2. ^ أ ب “Marine pollution, explained”, nationalgeographic, Retrieved 24/8/2021. Edited.
  3. “Chemical pollution of the ocean : the pesticide issue”, surfrider, Retrieved 24/8/2021. Edited.
  4. “Marine Pollution”, nationalgeographic, Retrieved 24/8/2021. Edited.
  5. “Ocean Pollution”, marinebio, Retrieved 26/8/2021. Edited.
  6. “Chapter 21 – Marine Oil Spills—Oil Pollution, Sources and Effects”, sciencedirect, Retrieved 25/8/2021. Edited.
  7. “Water Pollution: Everything You Need to Know”, nrdc, Retrieved 25/8/2021. Edited.
  8. ^ أ ب “Marine pollution, explained”, nationalgeographic, Retrieved 25/8/2021. Edited.
  9. ^ أ ب ت ث “How Ocean Pollution Affects Humans”, planetaid., Retrieved 30/8/2021. Edited.
  10. “What you can do to protect our marine environment”, www.mfe.govt.nz, Retrieved 30-3-2020. Edited.
  11. ^ أ ب “Plastics in the Ocean Affecting Human Health”, serc.carleton, Retrieved 30/8/2021. Edited.
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم اضافة ADblock

يرجى تعطيلها حتى تتمكن من الدخول الى الموقع